من أخطر الآفات التي تفسد القلب وتصرفه عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه الحسد.
ذلك الداء من أعظم الأدواء والابتلاء به من أشد البلوى يحمل صاحبه على مراكب الذنوب والآثام ويبعده عن منازل أهل التقوى والإيمان، فلله ما أعظمه من بلاء ما دخل قلباً إلا أفسده وأعطبه وأفسد عليه حاضره ومستقبله. والحسد داء قديم حتى قيل: إنه أول ذنب عصي به الله تعالى وليس ذلك ببعيد.
إن المرء بالحسد يقع في ألوان من الذنوب والآثام أعلاها الكفر بالله وأدناها كراهة الخير لعباد الله فلله كم جر الحسد على الخلق من الرزايا والبلايا، فهل أخرج إبليس عن فضل الله ورحمته إلى سخطه ولعنته إلا الحسد؟ وهل قتل قابيل أخاه هابيل إلا بالحسد؟ وهل أعرض أكثر صناديد الكفر عن اتباع الأنبياء والرسل إلا بالحسد؟ وهل نقم اليهود والنصارى على أمة الإسلام إلا لأجل الحسد؟ وهل استطال أقوام لبسوا لباس السنة والاتباع في أعراض أهل السنة من العلماء والدعاة وأهل الصحوة والدعوة إلا حسداً على ما آتاهم الله من فضله كما قال الله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾.
إن النبي صلى الله عليه و سلم حذر أمته الحسد وعظم أمره في أحاديث كثيرة منها ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولاتدابروا وكونوا عباد الله إخواناً)).
احذروا الحسد فإنه داء عضال فتاك لا يوقر كبيراً لكبره ولا شريفاً لشرفه ولا عالماً لعلمه بل يطرق قلب الصغير والكبير والشريف والوضيع والعالم والجاهل .